كلنا للوطن .أي وطن؟

SmileyCentral.com

jeudi 27 décembre 2012

ما تبقّى من حراس الأرز: يمينيّون لم يلتحقوا بـ«التوّّابين» | الأخبار

٢٧/١٢/٢٠١٢  - صحيفة الأخبار -
ما تبقّى من حراس الأرز: يمينيّون لم يلتحقوابـ«التوّّابين»

تبقّى من الأرز هيكله. سعيد عقل وما يقوله. شيء من نشيدٍ وطني. تبقّت من الأرز قطع ساكنة على أعلام أحزاب يمينيّة كأنها طحالب صفيقة. وكما الهيكل كذلك الحرّاس، حراس الأرز. امتصهم ماضٍ سحيق. اجتازوا شريطاً إلى مناطق العدو فاجتازتهم الحياة. يقول العارفون في أحوال القوميّين اللبنانيّين إن إتيان صقر (أبو أرز) كان آخر العابرين. مكث خلف الحدود 20 يوماً. لا تزيد يوماً ولا تنقص آخر.

ولو أراد البقاء لكان له ذلك. لكنه فضّل قبرص. لا أحد يعرف سرّ نيقوسيا، إنه لغاية في نفس إتيان. يسهّل هذا «أسرلّة» الرجل وجماعته. وقع الاسم عبريّ خالص. لكن فلسفة الرجل خلال الحرب تخطّت اسمه. واسم العائلة لا يعني أن ثمة قرابة بينه وبين النائب الشهير عقاب صقر. إنه طباق لطيف. وقع موسيقي بلا فحوى. تشابه الصدفة. ورب صدفة خير من ألف عقيدة، الرجلان خارج الحدود! الأسباب مختلفة. عقاب يحبّ السوريين، وإتيان لا يحبّهم. «أبو أرز» و«أبو سعد» يلتقيان في شعارٍ واحد، ويا لها من صدفة: لبنان أولاً.
في 2005، تحديداً، عادت جماعة الأرز كما عاد العائدون من صراع الهويّات القاتلة. انتهت الحرب ولم تنم في جلد أهلها. غيّروا لقب «أبو أرز» من «القائد» إلى «الرئيس». حاولوا، بالتنسيق مع الناشط العوني زياد عبس، «إحياء» ملف «اللبنانيين في إسرائيل». وبعد التفاهم مع حزب الله، حاول «العونيّون الاستفادة من العلاقة مع الحزب لحلّ الملف». حاولوا إيجاد «مخارج قضائيّة» للمتعاونين مع إسرائيل خلال الحرب، على قاعدة واضحة: الحرب انتهت. ولكن، على ذمة المشرفين على المحاولات، أجرى هؤلاء اختباراً على أحد الفارّين. كان حكمه القضائي يقضي بأن يدفع مئتي ألف ليرة لبنانيّة (يا للقسوة). ولكن، «العائد» فوجئ بزجّه في السجن أربعة أشهر، إذ أرجئت الجلسة. وإرجاء الجلسة يعني السجن. يقول المقرب من صقر: «(فؤاد) السنيورة ما بدو يعطي كريدي (credit) للتفاهم». إنها قصة «كريدي» إذاً، و«أبو أرز» متهم بسبعة أحكام، «يكفي مثوله أمام القاضي لسقوطها جميعها، كونها غيابيّة، على أن يحاكم من جديد». تضيف المصادر: «حراس الأرز ليس حزباً محظوراً. ولا حكم بحق رئيسه متعلق بقتل مقاومين».
بالفعل، الحزب لديه مركز في سن الفيل. لا يبدو مركزاً ناشطاً. على واجهته غبار ما بعد الحرب. لكن، ثمة «لجنة ثلاثيّة» تنوب عن «الرئيس» المنفي في إبقاء الحزب على قيد الحياة، يرأسها جوزيف طوق. الرجل مختفٍ، والعثور عليه يتطلب جهداً. يجزم المقرّبون من رئيس الحزب بأن طوق لن يتحدث إلى الإعلام. صيت الحزب ملوّث بالعنصريّة ضدّ الفلسطينيين والسوريين، من دون أن يفهموا لماذا لازمهم هذا الصيت ولم يلازم آخرين. كانت حرباً أهليّة والجميع يعرف الجميع. يسأل الناشط: «هل يحبّ الكتائب الفلسطينيين؟». ثم يستدرك بجديّة: «القوات حليفة حركة حماس الآن. لقد أصبحوا يحبّون الفلسطينيين الآن».
لحراس الأرز نقمة خاصة على القوات اللبنانيّة، تحديداً، لأسباب عدة. «سمير جعجع هو الذي طرد أبو أرز إلى عين إبل». كان القائد القومي قد استلهم من شارل مالك وسعيد عقل العقيدة الشوفينيّة المعادية لـ«الغريب». كان يقاتل في بيروت «لكن جعجع طرده»، يقولون. وقد يستغرب كثيرون: «حراس الأرز حزب علماني صاف. يعني أنه مع إلغاء المادة 95 من الدستور اللبناني، وإلغاء الطائفيّة السياسيّة من التداول. لا يمانع حراس الأرز، وحتى القلة منه الناشطة اليوم غالباً مع «العونيين»، أن يكون رئيس الجمهوريّة شيعيّاً، أو سنيّاً، أو يهوديّاً. فليكن ما هو عليه. لديهم حسابات أخرى. واللافت، أنهم يتحدّون أن يجد أعداؤهم مواجهة واحدة بينهم وبين لبنانيين آخرين خلال الحرب. إنهم قوميّون صلفون، على حافة النازيّة، لكنهم لم يشتركوا في «القتال الأهلي» على غرار الآخرين. ولا يعني ذلك أنه كان قتالاً مبرراً، أو أنها عقيدة تستساغ الآن لما تضمره من عداء للعرب وثقافتهم وانتماء لبنان الطبيعي إلى «الجو» العربي. غير أن من حق هؤلاء أن يدافعوا عن أنفسهم أيضاً: «لم نقتل لبنانيّاً واحداً». كان قتالهم ضد الفلسطينيين والسوريين. ويفتخرون بأنهم سلموا سلاح ميليشياتهم «إلى الجيش بقيادة الجنرال ميشال عون في 1988». إنه الرجل الوحيد الذي يثقون به ويكنّون له احتراماً خاصاً، حتى وإن كان «أبو أرز» يقول إن «عون رجل آخر» وليس عون الذي يعرفه. قد يحسب البعض سرد العناد الدموي هذا بمثابة تبرير. لكنه ليس كذلك إطلاقاً. الدم هو الدم وقد أريق. ليست للدم جنسيّة غير لونه. وفي الحرب ذهب الدم لمديح النظريّات والقوميّات يميناً ويساراً. المشكلة بنظر الكثيرين أن «حراس الأرز» لم يتوبوا من أفكارهم. والطائف يحبّ التوابّين. تابوا من الحرب، لكنهم حافظوا على عدائيتهم للفلسطينيين والسوريين، بشكل مفرط، وهذا ما لا تسمح به «ظروف ما بعد الطائف». حتى جماعة «لبنان أولاً»، على مستوى السلطة السياسيّة، يغالون في حب السوريين، ويحجّون إلى غزة. ناشطو حراس الأرز القلائل يتهمون هؤلاء بالدجل وبوجود «هوّة» بينهم وبين جماهيرهم. ولكن ما النفع من ذلك؟ لا شيء سيعيد «أبو أرز» إلى لبنان.


Aucun commentaire: